بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمت الله وبركاتة
الموضوعات
كتاب حمد الله تعالى
بابُ حَمْدِ اللَّهِ تعالى
فصل: الحمدَ مستحبٌّ في بداية كل عمل
فصل:الحمدُ ركن في خطبة الجمعة
فصل: يُستحبّ أن يختم دعاءه بالحمد للّه ربّ العالمين
فصل: يُستحبّ حمدُ اللّه تعالى عند حصول نعمة
فصل
فصل : حكم من حلف ليحمدن الله
كتاب حمد الله تعالى
بابُ حَمْدِ اللَّهِ تعالى
قال اللّه تعالى: {قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ على عبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى} النمل:59 وقال اللّه تعالى: {وقَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ} النمل:93 وقال تعالى: {وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} الإِسراء:111 وقال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} إبراهيم:7 وقال تعالى: {فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لي وَلا تَكْفُرونِ} البقرة:152 والآيات المصرّحة بالأمر بالحمد والشكر وبفضلهما كثيرة معروفة.
1/288 وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، ومسند أبي عوانة الإِسفرايني المخرَّج على صحيح مسلم، رحمهم اللّه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "كُلُّ أمْر ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بالحَمْدِ لِلَّهِ أقْطَعُ" وفي رواية "بَحَمْدِ اللَّهِ" وفي رواية: "بالحَمْدِ فَهُوَ أقْطَعُ" وفي رواية "كُل كَلامٍ لايُبْدأُ فِيهِ بالحَمْد لِلَّهِ فَهُوَ أجْذَمُ" وفي رواية: "كُلُّ أمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهوَ أقْطَعُ" روينا هذه الألفاظ كلها في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوي، وهو حديث حسن، وقد رُوي موصولاً كما ذكرنا، ورُوي مرسلاً، ورواية الموصول جيدة الإِسناد، وإذا روي الحديث موصولاً ومرسلاً فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير. (1)
ومعى ذي بال: أي له حال يهتمّ به، ومعنى أقطع: أي ناقص قليل البركة، وأجذم بمعناه، وهو بالذال المعجمة وبالجيم.
قال العلماء: فيُستحبّ البداءة بالحمد للَّه لكل مصنف، ودارس، ومدرِّس، وخطيب، وخاطب، وبين يدي سائر الأمور المهمة. قال الشافعي رحمه اللّه: أحبّ أن يقدّم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه: حمد اللّه تعالى، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
فصل: اعلم أن الحمدَ مستحبٌّ في ابتداء كل أمر ذي بال كما سبق، ويُستحب بعد الفراغ من الطعام والشراب، والعطاس، وعند خطبة المرأة ـ وهو طلب زواجها ـ وكذا عند عقد النكاح، وبعد الخروج من الخلاء، وسيأتي بيان هذه المواضع في أبوابها بدلائلها وتفريع مسائلها إن شاء اللّه تعالى، وقد سبق بيان ما يُقال بعد الخروج من الخلاء في بابه، ويُستحبّ في ابتداء الكتب المصنفة كما سبق، وكذا في ابتداء دروس المدرّسين، وقراءة الطالبين، سواء قرأ حديثاً أو فقهاً أو غيرهما، وأحسنُ العبارات في ذلك: الحمد للّه رب العالمين.
فصل: حمدُ اللّه تعالى ركن في خطبة الجمعة وغيرها لا يصحّ شيء منها إلا به. وأقل الواجب: الحمد للّه. والأفضل أن يزيد من الثناء، وتفصيلُه معروف في كتب الفقه، ويشترط كونها بالعربية.
فصل: يُستحبّ أن يختم دعاءه بالحمد للّه ربّ العالمين، وكذلك يبتدئه بالحمد للّه، قال اللّه تعالى: {وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ}يونس:10 وأما ابتداء الدعاء بحمد اللّه وتمجيده فسيأتي دليلُه من الحديث الصحيح قريباً في كتاب الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، إن شاء اللّه تعالى.
فصل: يُستحبّ حمدُ اللّه تعالى عند حصول نعمة أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه أو لصاحبه أو للمسلمين.
2/289 وروينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه؛
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أُتيَ ليلة أُسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريلُ صلى اللّه عليه وسلم: "الحمد للّه الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوتْ أمتك".(2)
فصل:
3/290 وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إذا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قالَ اللَّهُ تَعالى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: فَمَاذَا قالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةَ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ" قال الترمذي: حديث حسن. والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أوّل الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل سبحان اللّه والحمد للّه ونحو ذلك. (3)
فصل: قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدنّ اللّه تعالى بمجامع الحمد ـ ومنهم من قال بأجلّ التحاميد ـ فطريقه في برَ يمينه أن يقول: الحمد للّه حمداً يوافي نعمه ويكافىء مزيده. ومعنى يوافي نعمه: أي يُلاقيها فتحصل معه، ويكافىء بهمزة في آخره: أي يُساوي مزيدَ نعمه، ومعناه: يقوم بشكر ما زاده من النِعم والإِحسان. قالوا: ولو حلف ليثنينّ على اللّه تعالى أحسنَ الثناء، فطريق البرّ أن يقول: لا أحصي ثناءً عليك أنتَ كما أثنيتَ على نفسك. وزاد بعضُهم في آخره: فلك الحمد حتى ترضى. وصوّر أبو سعد المتولي المسألة فيمن حلف: ليثنينّ على اللّه تعالى بأجلّ الثناء وأعظمه، وزاد بعضهم في أوّل الذكر: سبحانك. وعن أبي نصر النمار عن محمد بن النضر رحمه اللّه تعالى قال: قال آدمُ صلى اللّه عليه وسلم: يا رَبّ! شَغَلْتَنِي بِكَسْبِ يَدِي، فَعَلِّمْنِي شَيْئاً فِيهِ مَجَامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ، فأوحى اللَّهُ تبارك وتعالى إليه: يا آدَمُ! إذَا أصْبَحْتَ فَقُلْ ثَلاثاً، وَإذَا أمْسَيْتَ فَقُلْ ثَلاثاً: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ حَمْداً يُوافِي نِعَمَهُ وَيُكافِىءُ مَزيدَهُ، فَذَلِكَ مَجَامِعُ الحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ. واللّه أعلم.
مع تحيات اخوكم الحر..................................