مضى وقت طويل ..
والليل يمر ثقيلا باردا ..
على روحي الحالمه ..
داخل جسدي المرتعش ..
والوحدة تعصف إعصارا عنيفا ..
يزلزل كياني ..
ويهدد أركاني
بأفكار مشوشة ..
ومشاعر مضطربة ..
فأبدأ أخاطب قلمي ..
وأحدث أوراقي ..
مستجمعا ما تشتت من شجاعتي ..
وما انهزم من قواي ..
أه كم أرحم نفسي ..
وكم أعطف على وجداني ..
والألم المستديم ..
يقتلني كل ليلة
بل كل لحظة ..
فأقول في نفسي ..
ما أنت بالعاشق المسرور ..
بل أنت الحزين الكسير ..
وبعد دمعة شجاعة ..
فرت من سجن أهدابي ..
وسواد عيني ..
أنهي المشهد الباكي ..
فأحمل أوراقي أمامي
وأطبع عليها قبلة خائفة ..
قبل أن أدسها تحت مخدتي ..
وألقي برأسي عليها ..
والخجل يكاد يقتلني ..
والعرق يتفصد قطرات على جبيني ..
وأهمس لنفسي ..
غدا يوم آخر .. وألم آخر ..
.. ما زال في جعبتي بقية ..
.. من الأوراق النقية ..
.. البوح لم ينتهي ..
.. ولن ينتهي ..
***************************
أتيت من بعيد ... أتابع الأسفار ...
وأعبر الفيافي ... وأقطع القفار ...
إلى مدينة الحروف ...
لأقتني الجميل ... وأ شتري الجديد ...
من السجوع والجمل ..
وأروع الأشعار ..
أردتها هدية جميلة ... تزهوا بها حبيبتي ..
في عيدنا السعيد ...
دخلت في المدينة ... أتعلمون كم بدت مثيرة ...
لقد بدت مثيرة ... مثيرة خلابة ...
فزادني الإعجاب ...
حروفها العظيمة ... كأنها الأبراج ...
تطل في شموخ ... وتنثر الأفكار ...
أقلامها المبرية ... تنمو على الأشجار ...
كأطيب الثمار ... وأجمل الأزهار ...
وحولها الأنهار ...
تموج بالأطياف ... من كل لون قد حوت ...
لتشرب الأقلام ... من أعذب الأحبار ...
مشيت في رصيفها الطويل ...
يشع بالبياض ... يغريك بالكتابة ...
كصفحة صقيلة ... في أول الكراسه ...
رأيت شيخا جالسا ... يدعونه الألف ...
يبيع في دكانه ... نوادر التحف ...
قلائد معلقة ... جواهر لماعة ...
لأليء براقة ... في داخل المحار ...
منقوشة الحروف ... موزونة الأبيات ...
لا يقتنيها عادة ...
إلا الملوك ربما ... أو أكبر التجار ...
نثرت فوق حجره دراهمي ...
وكل ما جمعته من القروش ...
على مدى الزمان ... وطيلة الأعمار ...
فراعني بنظرة جليلة ...
وقال لي بنبرة نبيلة ...
في هذه المدينة ... لا وزن للأموال ...
وليس للفلوس أي قيمة...
فهذه الهدايا ... جميعها مباحة ...
لكل حب صادق ... وكل خل في هوى خليله ...
فأغلقن عينك الشحيحة ... ودع لقلبك الخيار ...
فإنه الخبير ... ويعرف الأسرار ...
أغلقت عيني في سرور ...
وما لبثت لحظة ... حتى غدوت في حبور ...
فانهالت التحف ...
وهبت الهدايا ... كأنها إعصار ...
فلم يكن بقدرتي ... أن أحمل المزيد ...
قبلت رأس الشيخ وأنصرفت ...
وعدت بالغنيمة ... تضلني سحابة بيضاء ..
تكف عني الشمس ...
وحينما يشتد حر الشمس ...
تزخ بالأمطار ...
**********************
منقول